أخذت أقلب طرفي يمنة ويسرة في جنبات هذا المكان الواسع.. هممنا بالخروج أنا وصديقتي, لكنا فوجئنا بالبوابة مغطاة بكتل بشرية..
بنات من مختلف الأشكال,, تغوص في أعماقهن ترى عجبا..
هذه تضحك, تلك منهمكة بالحديث مع زميلاتها, أما الأخرى فاختارت الغوص في عالم المجهول..
توجهنا إلى البوابة الأخرى. هنا,, الأعداد قليلة والمكان هادئ..
من النادر جدا أن تسمع صوتا باستثناء أصوات العصافير..
بعثت تنهيدة من أعماقي,, كم أشعر بالفوضى من داخلي.. لم أفق إلا على يد صديقتي وهي تضعها على كتفي وتقول:
- إيمان.. ماذا بك؟ منذ أيام وأنت على هذه الحال!!
قلت لها:
- لاشيء..
كانت إجابتي مختصرة وتنم عن ملل وضيق,, وكأنني أريد إنهاء حوار مازال في بدايته..
أخذت خطواتي تقودني ببطء, ونظراتي هائمة..
وقفنا سوياً بالقرب من سور الحديقة في ساحة الكلية.. الهواء يلامس الأرض, يراقص أوراق الشجر, ويصافح أطراف ملابسي..
- ألن تقولي ما سر وجومك؟؟
قلت لها:
- أرجوك يا أمل,, ليس الآن فمزاجي ليس معتدل..
قالت:
- ليس الآن بل في كل لحظة وكل يوم..
وعنّ لها أن تقول شيئا.. لكني قاطعتها قائلة:
- استأذنك فمحاضرتي على وشك البدء.
دلفت إلى القاعة وما هي إلا لحظات حتى حضر الدكتور وبدأ في محاضرته.
انتهينا وخرجت كما دخلت لم يتغير شيء مما بداخلي, فالكآبة تغلفني..
لمحت أمل قادمة من بعيد وابتسامتها العذبة مرسومة على وجهها. لمْ أعرف لمَ شعرت بانقباض في داخلي..
قالت:
- أنا ذاهبة الآن فأخي بانتظاري, اهتمي بنفسك..
لمحتها تخبئ شيئا في حقيبتي, لكني لم أكترث..
وعدنــــــــا.....
مرت ليلة الأربعاء, وتلاها الخميس وهاتفي ساكن..
الأمر لا يخلو من بعض الزيارات العائلية..
لكني كنت انتظر شخصا ما..
وجاء يوم الجمعة, سمعت رنين الهاتف..
لم أعرف ما الذي دفعني للركض..
ألو,, أمل؟؟
لا,, لم تكن أمل..
إنها منى زميلتي..
سلمتْ
تكلمتْ
ثم قالت شيئاً,, شرعت أضحك بجنون وقلت لأمي:
- اسمعي, ماذا تقول هذه المجنونة؟؟!!
فصرخت منى وهي تبكي:
- إيمان! إنها الحقيقة, كانت في طريق العودة من زيارة عائلية لبيت جدها.
رميت السماعة وركضت إلى غرفتي ودموعي تسبقني, ولم انتظر أن اسمع منها البقية.
كل ما كان يتردد في داخلي عبارة واحدة
أمل مــــاتت
أمل مــــاتت
أمل مــــاتت
لم يعد لي أمل,,, لم يعد لها وجود..
تذكرت إنها دست شيئاً في حقيبتي يوم الأربعاء..
نهضت عجلى لأبحث عن هذا الشيء, فإذ بي أجد وريقة صغيرة,, فتحتها فوجدت بداخلها :
إيمان,, الصداقة نبتتنا الجميلة ستذبل إن بقينا هكذا