النجار والملك والعفرمن : من الحكايات القديمهالنجار والملك والعفرمنالعفرمن : كلمه تركيه دخلت الى اللهجه العراقيه واحيانا تلفظ عفيه وتقال مكافئة وتكريما لمن احسن في عمله أو يراد منه عمل شيء (عفيه بلكي تعمل كذا وكذا ) .
الحكايه :ــ
يحكى ان نجارا كان يقوم بصناعة الاثاث الخشبيه ، وقد اشتهر بزخرفتها والتفنن باضافة بعض الالوان الجميلة لها ، وكانت زوجته واسمها
تيتي هي الاخرى قد اشتهرت بجلب قشور الاشجار وصناعة مواد التجميل للنساء منها الاحمر شفاه واقلام رسم الحاجب وتبيض الاسنان ، وكانت تصاحبه بالذهاب الى الغابه لقطع جذوع الاشجار الكبيرة واغصانها ، وانتزاع القشور والماد السائله التي تخرج من الجذوع ، ويتم نقل الاخشاب بواسطة عربه تجرها الحيوانات ، فشاهدت الزوجة
تيتي جذعا لشجرة كبيرة جدا فاشارت على زوجها بالتعاون على قطعه وعمله كرسياً واهدائه للملك لعلهما يحصلان على مبلغا كبيرا من المال يؤسسان معملا للنجارة والاصباغ في المدينة .
وافق الزوج على المقترح فقاما بقطع ذلك الجذع وباليوم الثاني استعانا ببعض الاشخاص لرفع الجذع وتحميله على ظهر العربه .
نقل الجذع الى دار
النجار واستمر العمل به لمدة عام كامل ، وقد امتاز ذلك الكرسي بانه لم يضع فيه مسمارا واحدا بل استخدم
النجار طريقة النحت وكان شكله مستوحى من راس الاسد وخلفيته صدر وراس صقر بحيث اصبح ذلك الكرسي اعجوبة الزمان .
وفي مناسبة عيد ميلاد الملك قام
النجار بابلاغ البلاط الملكي بوجود هدية لجلالته ألا هي ذلك الكرسي والذي لم يصنع مثله من قبل .
في صباح يوم العيد حضر الى دار
النجار الحرس الملكي ومعهم عربة كبيره نقل عليها الكرسي ووضع عليه غطاء من افخر الاقمشة التي جلبها حراس الملك معهم ، وشقت العربة طريقها وسط المدينة وهي تحمل كرسي الملك والناس على جانبي الطريق يهتفون بحياة الملك وهذا هو حال الشعوب تهتف للملوك في افراحهم وهم جياع .
وضع الكرسي في صالة الاستقبال والنجار يقف بجانبه وهو يترقب الباب الذي سيطل منه الملك .
الوزراء والحاشيه واقفون كلٌ في المكان المخصص له ، دخل الملك وتعالى التصفيق ابتهاجا بطلته وهو يرتدي حلة العيد واخذ ينظر باعجوبة الى هذه التحفة التي افنى
النجار من اجل صناعتها اكثر من 300 يوم هو وزوجته
تيتي التي كانت تتفنن بعمل مزج الالوان (
الخبطات) وهي التي اشتهرت في عمل اصباغ التجميل لنساء الملك والوزراء والاغنياء اضافة الى اعمال البيت اليوميه .
وحسب ما اسمعه ان بعض الذكور يترددون على محلات بيع مواد التجميل النسائيه لعمل خبطات خاصه لهم يستخدمونها بوضعها على وجوههم (
منين انجيبلهم تيتي !!!)
الملك جلس على الكرسي واخذ ينظر يمينا وشمالا ويديه تتحركان على اجزاء الكرسي الذي تمثل دكتيه رأسي اسد ، اما المنطقة التي تعلو الرس فهي صدر صقر ، فبدت علامة الارتياح تظهر على وجه الملك اما الحضور وكلهم مبتسمون .
وقف الملك فتتقدم رئيس الوزراء وصافح الملك مباركاً له عيد ميلاده وهنئه بهذا الكرسي ثم جاء من بعده الوزراء وهم يقبلون كتفي الملك ، وبعد الانتهاء من استقبال المهنئين التفت الملك الى
النجار ووضع يده على كتفه وقال (
عفرمن .....
عفرمن .....
عفرمن ) .
الملك غادر المكان وانصرف الجميع ثم جاء احد الحراس وسحب
النجار من يده وامره بالخروج ، حاول
النجار التكلم مع الحرس الا انه نهره وامره بالسكوت .
عاد
النجار الى البيت وهو يجر اذيال الخيبة والخذلان وكانت زوجته
تيتي التي ارهقها الانتظار وهي تتأمل بمكافئة ماليه كبيرة من جلالة الملك المفدى ، فقالت له (
ها بشر شنطاك الملك ؟) ، فرد عليها قائلاً : ــ
( تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي )، فردت صارخةًعليه (
عزا العزاك شنو ما نطاك شي !!!) ، اجاب الزوج بحركة يديه ضاربا الراح بالراح وشفتيه متوقفتان عن الحركه .
بهتت الزوجه فدخلت الى الدار ولبست عبائتها وقالت (
امش وراي وشوف شراح اسوي اليوم ) .ركبت و زوجها العربة وقالت له اسرع نحو السوق قبل فترة الظهيره وقبل ان يصل الخبر الى التجار بان الملك لم يكافيء
النجار بشيء .
التجار ما ان رؤوا
النجار وزوجته
تيتي وهي معروفه من خلال ترددها في السوق ،حتى استقبلوهما بحفاوه واخذوا يعرضون عليهما ما يحتاجانه من البضائع فقامت الزوجه باختيار الاجود من ما موجود من اقمشة وملابس ومواد منزليه ومواد غذائيه تكفيهما لعام واكثر ، واستاجرت عربتين اخرتين حتى امتلأت العربات الثلاثه فطلبت من احد العمال بقيادة عربة
النجار التي جاء بها الى السوق ، وامرت بانطلاق العربات الثلاثة الى دار
النجار وابلغتهم بتفريغ المواد داخل المخزن الكبير الذي تخزن به الاثاث ، فانطلقت العربات الثلاثة وبعد ان ايقنت بوصول المواد الى البيت استدعت التجار واصحاب المحلات الصغيرة الاخرى لكي تعطيهم مستحقاتهم الماليه .
وقفت
تيتي وبجانبها زوجها وتجمع حولها التجار واصحاب المحلات وهم فرحين بهذا اليوم الذي صرَّفوا بضائعهم فيه وباسعار مرتفعة ، فقالت لهم قفوا ثلاثة مجاميع :ــ
المجموعة الاولى تظم تجارالاقمشة والملابس .
المجموعة الثانية تظم اصحاب المواد المنزليه .
المجموعة الثالثه تظم اصحاب المواد الغذائيه.
تيتي التي يبدوا على وجهها الفرح والارتياح وزوجها متحير بالذي يجري وهو يخشى على نفسه ان يسألها عن الذي تقوم به، قالت مخاطبة الجمع من التجار من منكم لا يحب جلالة الملك المعظم ويفرح بهذا اليوم العظيم ؟
فتعالت الاصوات ارواحنا واموالنا فداءً لجلالة الملك وقال احدهم
ها خوتي ها .... فردد الحضور
ها ..... قال : بالروح بالدم نفديك يا ملك .
تيتي اشارت عليهم بالسكوت فسكتوا وقالت للمجموعة الاولى (
عفرمن ) ثم التفتت للمجموعة الثانية وقالت (
عفرمن ) ثم التفتت للمجموعة الثالثة وقالت (
عفرمن ) ، وامرتهم بالأنصراف وانصرفت هي وزوجها فلحق بهما الحاضرون وتعالت الاصوات والصراخ ، وهي توبخهم (
عيب عليكم ) هذا ملكنا وارواحنا تفداه ، فصرخ احد اصحاب المحلات واسمه صابر باعلى صوته (
راحت فلوسك يصابر ).
انتشر الخبر بان شغباً قد حدث بالسوق ، فاسرعت القوات الامنيه واغلقت الطرقات ، واخبر جلالة الملك بوجود شغب في المجمع التجاري ، فامر رئيس حراسه بالتوجه الى المكان والسيطرة على الوضع وجلب المشاغبين بهذا اليوم المبارك لمعاقبتهم ، حضر رئيس الحراس ووجد
النجار وزوجته وهم في اسوء حال ، وبعد ان سيطر الحرس على الوضع اقتيد الجميع الى قصر الملك وقابلهم الملك واستفسر عن السبب .
تقدمت
تيتي زوجة
النجار وقالت ياجلالة الملك أأنت قلت لزوجي بعد ان اهداك الكرسي (
عفرمن .....عفرمن ....عفرمن ) ؟
قال الملك نعم انا قلت ذلك .
الزوجه : ياجلالة الملك انا وزوجي ذهبنا الى السوق وتبضعنا بما قيمته ثلاثة الاف دينار بحيث كل
عفرمن صرفناه بالف دينار ، إلا ان التجار لم يصرفوا
العفرمن ولم يعترفوا به .
تعجب الملك لما سمع منها وطلب منها تكرار ما قالت وبعد انتهت من كلامها ضحك الملك كثيرا حتى اضطر للجلوس على الكرسي الذي صنعه
النجار وهو مستمر بالضحك ثم استدعي مسؤول الماليه وامره باحضار تسعة الاف دينار فاعطي الى
النجار واصحاب المحلات ثلاثة الاف دينار وهي كامل مستحقاتهم ، واعطى
النجار ثلاثة الاف دينار واعطى الثلاثة الاف الاخيره الى زوجة
النجار وغادر الجميع وهم فرحين ويضحكون ..
زوجة الملك التي كانت تسمع وترى هي الاخرى قد تعجبت لكلام
تيتي وهي التي تعرف عنها بصناعة بعض الحاجيات النسائيه قد استدعتها الى محرم النساء ودار حديث مطول معها وهن يضحكن لما يسمعن من كلام لطيف .
زوجة الملك امرت باحضار هديه من قطع الذهب تعادل ما اعطاه الملك لتجار والنجار والبستها
لتيتي وخرجت
تيتي محملة بالمال والذهب والحاجات النفيسه من قبل بعض النسوة اللواتي قد حضرن لتهنئة الملكة بعيد ميلاد الملك .....
شوفوا النسوان شيسون لولا تيتي جان النجار اتبهذل حاله ...................وتقبلوا تحياتي ........
الى اللقاء في حكاية قادمه ....