نقاط : 5351 الجنس : عدد المساهمات : 2560 تاريخ الميلاد : 01/01/1997 العمر : 27 دولتي : مزاجيّّ : هواياتي :
موضوع: رمضان.. مرآة حضارة الإسلام الخميس يوليو 19, 2012 8:59 pm
ال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن لربكم فى أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً» «أخرجه الطبرانى»، ومن أعظم نفحات الله وكرمه على الحضارة الإسلامية أن منحها شهراً يحمل عبق الجنة وريحها، شهراً فيه ليلة خير من ألف شهر، شهراً اختصه سبحانه بفضائل وبركات لا توجد فى غيره من الشهور، ليكون محلا للسبق ونيل أعلى الدرجات، وتدارك الفائت من الأعمال والأوقات، قال تعالى: «شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه» «البقرة:185».
ومن الفضائل التى اختص الله - عز وجل - بها شهر رمضان: إنزال القرآن الكريم فيه، وهو المعجزة الخالدة الدالة على نبوته، صلى الله عليه وسلم، على مر الزمان، الجامعة للقوانين المنظمة للكون، الصالحة للتطبيق فى كل زمان ومكان، فكان حرياً بأن يشرف به الزمان الذى ميزه الله وخصه بإنزاله فيه.
وكما اختار الله تعالى هذا الشهر لإنزال القرآن فيه اختاره أيضاً لإنزال غيره من الكتب المقدسة السابقة عليه، فقد قال النبى، صلى الله عليه وسلم: «أُنزلت صحف إبراهيم عليه السلام فى أول ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان» «رواه أحمد:4/107»، قال الحافظ ابن حجر: «يحتمل أن تكون ليلة القدر فى تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل فى اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول سورة العلق» «فتح البارى 9/5».
وفضل شهر رمضان بين سائر الشهور كفضل سيدنا يوسف، عليه السلام، بين إخوته، فكما كان يوسف أحب الأولاد إلى يعقوب، عليه السلام، كذلك رمضان أحب الشهور إلى علام الغيوب، وإن كان فى يوسف من الحلم والعفو ما غمر به جفاء إخوته فقال: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم» «يوسف:92». فكذلك شهر رمضان فيه من الرأفة والبركات والنعم والخيرات والعتق من النيران والغفران ما يربو على بقية شهور العام.
ونظراً لما اختص الله - تعالى - به هذا الشهر الجليل من الكرامات والبركات والنفحات وتنزل الرحمات وكثرة التجليات، فقد حث فيه على فعل كثير من المستحبات، التى يتأكد فعلها فى رمضان، ويعظم أجرها فيه أكثر مما لو أديت فى غيره، وأول هذه المستحبات: المداومة على ملازمة القرآن وكثرة تلاوته خاصة فى الليل، قال تعالى: «إن ناشئة الليل هى أشد وطئا وأقوم قيلا» «المزمل:6»، وناشئة الليل هى تلك النفوس التى يربيها الليل وينشئها على قرآنه، وهى تلك الواردات الروحية والخواطر النورانية، التى تنكشف فى ظلمة الليل، فتلك النفوس الصادقة التى تربت على أنوار القرآن الليلية هى أعظم ثباتا وتأثيرا، وأكثر إدراكاً فى وعيها، وأكبر نجاحا فى سعيها، وأشد اتساقاً وانسجاماً مع صاحبها، وهذا الانسجام يحصل بين القلب واللسان والجوارح عند قراءة القرآن، كما يحصل أيضا التوافق بين الأمر الشرعى بالقراءة ليلاً، وبين الأمر الكونى فى نزول القرآن ليلاً، فكلما كانت قراءة المسلم للقرآن بالليل زاد اتساقه مع الكون، ويتضاعف هذا الاتساق بالقراءة فى رمضان.
ومن أعظم الأعمال التى يثاب عليها المسلم فى رمضان الصدقة، فهى عظيمة البركة على صاحبها وعلى كل من يسهم فيها بوجه ما، فيعمهم الثواب والخير، وإن قلت أياديهم فيها، فالتوسعة على الفقراء فى رمضان مطلوبة، إذ لما كثرت العطايا الربانية والمنن الإلهية، وازداد سطوع الأنوار القرآنية فى هذا الشهر، عظم الباعث على الجود، لذا «فقد كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل، عليه السلام، يلقاه كل ليلة فى رمضان فيدارسه القرآن، فإذا لقيه جبريل، عليه السلام، كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة» «رواه البخارى:2/672»، والريح المرسلة خيرها بلا حدود، يعم القريب والبعيد، فلا يقتصر على فرد دون فرد أو جماعة دون جماعة، وهذا كان خلق النبى، صلى الله عليه وسلم، يعطى عطاء من لا يخشى الفقر.
وكذلك المؤمن الذى يقتدى بالنبى، صلى الله عليه وسلم، فى رمضان يزهد فى الدنيا، ويرغب فى الآخرة ويرق للضعفاء، ويجود بما فى يده ويطلق لها العنان فى الإنفاق، فقد سئل النبى، صلى الله عليه وسلم: أى الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة فى رمضان» «رواه الترمذى:3/51».
ولفضل هذا الشهر العظيم وعموم الرحمة فيه وكثرة المنن التى يمنها الله - تعالى - على الأمة الإسلامية، فمن حقنا أن نهنئ بعضنا بعضاً بقدومه، والتهنئة بالأعياد والشهور المباركة والمناسبات السعيدة مشروعة ومندوب إليها، قال تعالى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون» «يونس: 58»، والتهنئة مظهر من مظاهر الفرح، وكان النبى، صلى الله عليه وسلم، يهنئ أصحابه بقدوم شهر رمضان، فعن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: «كان الرسول يبشر أصحابه ويقول: أتاكم رمضان، شهر مبارك» «رواه النسائى:4/129».. فاللهم أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، وزدنا فيه تعلقاً بك وشفقة على خلقك.. وكل عام والأمة العربية والإسلامية بخير ويمن وبركات.
hawla
نقاط : 4613 الجنس : عدد المساهمات : 3284 تاريخ الميلاد : 01/01/1999 العمر : 25 دولتي : مزاجيّّ : هواياتي :
موضوع: رد: رمضان.. مرآة حضارة الإسلام الخميس يوليو 19, 2012 9:48 pm